} ?>

عن الكتابة كفعل نجاة: لماذا نكتب؟

في عالم يعجّ بالضوضاء، وفي قلب صخب لا ينتهي، أجد في الكتابة ملاذًا يشبه النجاة. ليست ترفًا إبداعيًا، ولا هوايةً نمارسها حين يحلو لنا الوقت. الكتابة بالنسبة لي، فعل بقاء. بل فعل ولادة متكرّرة، نعود فيها إلى أنفسنا حين تبتعد.

منذ اللحظة الأولى التي أمسكتُ فيها القلم، شعرت أن هناك شيئًا بداخلي يتحرك. شيء لا يُقال في الحديث اليومي، ولا يُلتقط في النظرات السريعة، ولا يُفهم من الكلمات العابرة. شيء لا يخرج إلا عندما أكتب.

✒️ الكتابة ليست فقط للتعبير… بل للتطهير

حين نكتب، لا نعبّر فقط عن أفكارنا. نحن نغسل ما تعلق بنا من وجع، من أسئلة، من خيبات. الكتابة تُنقّي، تُطهّر، تُشبه البكاء لكن بحبر صامت.

كم مرة كتبتُ فقط لأتفادى انهيارًا؟ كم مرة لم أقل شيئًا لأحد، لكني قلتُ كل شيء على الورق؟

الكتابة لا تنقذنا من العالم فحسب، بل تعيد ترتيب هذا العالم داخلنا. تمنحنا المسافة الكافية لنتأمل، لنسامح، لنفهم.

🖋️ من الورق إلى الذات: رحلة الاكتشاف

كل نص أكتبه يُعرّفني بنفسي من جديد. أحيانًا أندهش مما كتبت، وكأن هناك صوتًا آخر في داخلي أراد أن يتكلم، وأعطيته أنا الحبر والصوت.

أدركت أن الكتابة ليست مرآة لما نعرفه، بل نافذة لما لا نعرفه بعد. هي الرحلة التي لا نخطط لها، لكنها تأخذنا إلى حيث يجب أن نكون.

📚 الكتابة كفعل مقاومة

في زمن السرعة والاستهلاك، حين يُقاس كل شيء بعدد المشاهدات والنقرات، تظل الكتابة فعلًا مقاومًا. لأنك حين تكتب، أنت لا تُقدّم منتجًا جاهزًا، بل تصنع عمقًا في عالم سطحي.

الكتابة ترفض التصفيق السهل، وتطلب صبرًا وتأملًا. ولهذا، يكتب من لا يخشى العزلة، ومن يؤمن أن الكلمة تُغيّر، ولو ببطء.

🌿 لماذا أكتب أنا؟

أكتب لأن الكلمات تأويني حين لا يأويني أحد. أكتب لأنني لا أجد في الحديث ما يكفي. أكتب لأتذكر، ولأنسى. أكتب لأرتّق شرخًا، أو لأقبّل ندبة. أكتب لأن داخلي مليء، وأحتاج منفذًا لا يُخيفني ولا يُقاطعني.

أكتب لأن في داخلي امرأة تبحث عن ضوء. عن سلام. عن طريقة تقول بها: “أنا هنا، وهذا صوتي”.

💌 إلى كل من يكتب

لا تخف من بياض الصفحة. هي ليست فراغًا، بل بداية. واكتب، حتى وإن لم يقرأك أحد. الكتابة ليست فعلًا جماهيريًا دائمًا، لكنها فعل حياة.

اكتب… لأن الكتابة نجاة.

– أحلام سعدان 🌸

الكاتبة أحلام سعدان

الكاتبة أحلام سعدان

أحلام سعدان، كاتبة وروائية جزائرية، مؤلفة رواية أحلام بريئة، وصاحبة مؤسسة للتعليم والتدريب. أجمع بين شغفي بالأدب والتنمية البشرية وتعليم اللغات. من خلال موقعي هذا أشارك مقالاتي ورؤاي حول التوازن الجسدي والنفسي والإبداع الأدبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *